المستويات الثلاثة للعبادة :
دكتور صلاح :
بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وبعد :
في الحقيقة في غاية السعادة أن ألتقي بهذه الكوكبة من أخواننا وأساتذتنا العلماء الأجلاء في هذه الليلة ، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يظلنا في الحب فيه في ظله يوم لا ظل إلا ظله .
في الحقيقة هناك شكل ومضمون ، إذا صام المسلمون صوماً شكلياً وهو الجانب السلبي كما أشار أخي الدكتور عربي الكشاط وهو الامتناع ، الصيام لغة الامتناع :
خيل صيام وخيل غير صائمة تحت العجاج وأخرى تعلك اللجما
***
فهذا الامتناع إذا كان امتناعاً شكلياً فإنه لا يفرز تذوقاً للعبادة ، نحن أمام ثلاثة مستويات ، المستوى الأول : الإنسان الذي يعرض عن ذكر الله ولا يصوم أي نوع من الصيام لا شكلاً ولا مضموناً ، هناك نوع من الناس يمارس العبادة ممارسة تقف عند شكل الأحكام الفقهية ، لكن هناك من يتذوق حلاوة هذه العبادة ، والإمام مسلم لعله أشار بقوة إلى هذا الذي انتقل من الممارسة إلى هذا المضمون ، حينما أورد باباً في كتاب الصيام ، باب وجوب صيام شهر رمضان ، واستحباب ألا يُخلي شهراً عن صوم ، إذاً هو ذاق في رمضان ولم يعد يستطيع أبداً أن ينسى الصيام في بقية العام ، ذاق حلاوة القيام ثم جاهدت نفسي لأقوم، ثم جاهدت نفسي لأنام ، جاهدت نفسي في قيام الليل عاماً فذق حلاوته عشرين عاماً ، ذاق حلاوة الإنفاق في رمضان :
(( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان ، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة ))
[ رواه البخاري عن بن عباس]
فإذا تذوق حلاوة الإنفاق صار كما قال الشاعر :
تعلم بسط الكف حتى لو أنه ثناها لقبض لم تجبه أنامله
ولو لم يكن في كفه غير روحه لجاد بها فليتقِ الله سائله
***
لم يعد يستطيع أن يقول لا ، فلا تسألوه روحه فإنه لن يبخل بها .