على الإنسان أن ينتقل من الشكل إلى المضمون ومن الجانب العام إلى الجوهر :
إذاً هذه المستويات الثلاثة أصحاب الشمال ، أصحاب اليمين المقربون ، نحن يجب أن ننتقل ، نعوذ بالله أن نكون من أصحاب الشمال الذين يقصرون في أركان وواجبات الصيام ، أو الصلاة ، أو الزكاة ، أو الحج ، أو غيره ، أو أن نقف فقط ، لا نحب أن نقف عند أصحاب اليمين ، وإنما يجب أن نتحرك إلى أن نكون من المقربين ، فإن الإنسان إذا جلس على مائدة الطعام ينتقي أطايبه ، كان سيدنا عمر لماحاً لهذا المعنى عندما قال : " لولا ثلاث ما أحببت المقام في هذه الدنيا ، أول شيء مكابدة الساعات ـ أي قيام الليل عندما يكون مجهداً ، شديداً في التعب ثم يقوم بين يدي الله ـ وصوم الهواجر ـ ليس الصوم العادي الطبيعي ـ ومخالطة أقوام ينتقون أطايب الكلام كما ينتقي الآكل أطايب الثمر " .
إذاً الإنسان ينتقل من الشكل إلى المضمون ، من الجانب العام إلى الجوهر فيتذوق، فتجد من يقول له :
صم يوماً كل أسبوع ، أو صم ثلاثة أيام ، مثل عبد الله بن عمرو بن العاص لما ذاق حلاوة القيام والصيام نذر أن يصوم كل يوم ، وأن يقوم كل ليلة حتى تزوج ، وفي صحيح البخاري أن :
(( قال : أنكحني أبي امرأة ذات حسب فكان يتعاهد كنته فيسألها عن بعلها فتقول: نعم الرجل من رجل لم يطأ لنا فراشا ، ولم يفتش لنا كنفا ))
[البخاري عن عبد الله بن عمرو ]
إذاً يحتاج إلى علاج لإعادته إلى التوازن ، فلما ذهب إلى النبي صار يخفض حتى يصل إلى التوازن ، قال له :
(( صم كل شهر ثلاثة واقرأ القرآن في كل شهر ، قال : قلت أطيق أكثر من ذلك قال : صم ثلاثة أيام في الجمعة ، قلت : أطيق أكثر من ذلك ، قال : أفطر يومين وصم يوماً، قال : قلت : أطيق أكثر من ذلك ، قال : صم أفضل الصوم صوم داود ، صيام يوم وإفطار يوم ، واقرأ في كل سبع ليال مرة ))
[البخاري عن عبد الله بن عمرو ]
الروايات الأخرى تقول استمر إلى آخر دهره على هذا النحو ، نحن نريد عباداً ونساكاً على هذا المستوى الرفيع من التعبد لله تعالى .
الأستاذ ملهم :
نقول عن رب رمضان هو رب الشهور ، والمداومة على العمل الصالح شعار المؤمنين ، نتكلم على ثمار المداومة على العمل الصالح